مع بداية العام الثاني للطفل، تبدأ
شخصيته المستقلة بالتكون، وعلى الأسرة أن تعامله كأحد أفرادها من خلال
توفير الحاجات المادية الأساسية له مثل السرير، اللعب، الملابس، والقول:
هذه لعبة زكي وهذا سرير زكي وهذا حذاء زكي، ومن خلال ذلك يبدأ الطفل
بتكوين فكرة أولية عن ذاته من خلال الحاجات المادية الملموسة العائدة له،
وبذلك تبدأ أيضاً شخصيته المادية بالتكون.
كذلك نعمل على تكوين الجانب المعنوي
لهذه الشخصية من خلال مناقشته في شؤونه الخاصة وعدم فرض الرأي عليه، بل
تعليمه وإقناعه بما هو مطلوب منه وبما يدور حوله، فمثلاً نقول له: هل تريد
أن تأكل؟ هل تحب أن تلعب؟ هل ترغب في الخروج معنا؟
أي أننا نستعمل صيغة الاستفهام وليس صيغة الأمر مثل:
تعال، اجلس، اذهب، نم، ويأتي دور الأهل هنا من خلال تمضية الوقت الكافي مع
أطفالهم وحثهم وتشجيعهم على اللعب والنطق، وهذا يسهم في نموهم الذهني
والاجتماعي ويزيد من استقلاليتهم واعتمادهم على أنفسهم.
التفاعل مع المحيط
يتفاعل الطفل مع محيطه ويتأثر بكل ما حوله، ويبدأ
بتقليد كل ما يراه ويسمعه بمهارات بالغة، فتفكير الطفل المستمر وانشغاله
الدائم بالأشياء، التي يسمعها ويراها، هو الذي يطور شخصيته وينمي مهاراته
وإبداعه، كما أنه يخطو باتجاه السلوك الاجتماعي من خلال تقليد المحيطين
به، فهو يقلد الأبوين والأشقاء والأقران ويكتسب المعرفة.
ويمكن لهذا التقليد أن يلعب دوراً
إيجابياً في بناء شخصيته إذا توافرت الشروط، المناسبة لذلك، مثال على هذا:
تقليد الطفل الصغير لأخيه الكبير، والتكلم بطريقة تشبه طريقته، والتصرف
مثله، ومن خلال التشجيع والمديح والشرح يمكن تنمية وتطوير شخصية الطفل
الصغير بالشكل الإيجابي.
تقول بعض الأمهات
عن تصرفات بناتهن: إنها تقلدني في كل ما أفعله في البيت حتى جلوسي أمام
المرآة وتلبس ملابسي، فهي تمسك أدوات المطبخ وتحاول أن تعمل بها. أما عن
الولد فإنه يقلد البطل في برامج الأطفال، حتى بعد انتهائها، حيث يتابع
لعبة يتخيل فيها نفسه بطلاً ويقلد الشخصيات، التي يحبها في أفلام الكرتون.
فالطفل بحاجة دائمة للمراقبة
والتعليم حتى نساعده على التمييز بين الواقع والخيال، فهو يعجب بالشخصيات
التي تطير، ويسعد كثيراً بمراقبتها في انتصارها على الأشرار. صحيح أنها
تعزز قيم الخير عند الطفل؛ لكن يجب أن تقدم بشكل معقول، يتناسب مع قدر
اته الذهنية وتحت معرفة وإشراف الآباء.
التقليد عامل سلبي إن التقليد عامل سلبي في
المراحل المتأخرة من عمر الطفل، لأنه يسلبه شخصيته واستقلاله. فالأطفال
يقلدون في البداية، لأنها مرحلة لابد منها، ولكن المطلوب تعليم وتشجيع
الأطفال لتكون لهم شخصياتهم المميزة والمستقلة، لأن الشخصية المقلدة تكون
مضطربة وغير مستقلة وبعيدة عن التطور. إن طبيعة نمو الطفل تميل إلى
التقليد، وأول ما نلاحظه بوضوح هو التقليد في الأصوات ثم الحركات،
وقد يصبح أداؤه مماثلاً لوالديه
بالنطق وحتى نبرة الصوت، فإذا قلت له: لا، مع حركة بالإصبع إشارة إلى
الرفض، فإن الطفل لاحقاً سوف يقوم بنفس الحركة للدلالة على الرفض. وفي
البداية يقلد الطفل كل شيء، أي أنه يتوجه إلى تقليد الكبار من الآباء أو
المعلمين إن نماذج مسرحية أو أبطال على الشاشة، ومع تقدم العمر يصبح
التقليد إيجابياً،
إذ يختار الطفل بعض الأشياء وليس كلها،
ويعتبر التقليد إيجابياً عندما يقدم الفائدة والمعلومة الجديدة للطفل، أما
عدا ذلك، فإنه تقليد سلبي كما في حالة الطفل الذي يقلد أخاه الأصغر منه،
وهذه حالة تسمى: النكوص (أي رجوع الطفل في سلوكه إلى سنوات أصغر من عمره).
وإنه لمن المهم جداً الاهتمام بمهارات
التفكير الصحيح عن طريق طرح مشكلات تتناسب مع عقلية الطفل وطلب الحل منه،
والحوار معه وسؤاله باستمرار ليتوصل إلى الحلول السليمة بنفسه. ويتعود على
الحرية والتفكير المنطقي، وينبغي ممارسة هذه المهارات في الحياة اليومية
مع الطفل وكذلك في المناهج الدراسية وطرق التدريس،
حيث إن الاهتمام بمهارات التفكير
يسهم في استثمار طاقات العقل عنده ويرفعها إلى مستويات عالية تساعد في
نشوء طفل ذكي. ومن مهارات التفكير: التخطيط، تحديد الهدف، جمع المعلومات،
تنظيم المعلومات، الوصف، التلخيص، التطبيق، التحليل، الإنشاء، المقارنة،
التعرف إلى الأخطاء، التقويم، إعادة البناء، الاستقراء. أما أنواع التفكير
فمنها: التفكير الإبداعي والعلمي والمنطقي والناقد. ...